
تحل اليوم ذكرى معركة عين جالوت التي وقعت في 3 سبتمبر 1260م، والتي تعد أبرز معركة حاسمة في التاريخ الإسلامي. وتمكن الجيش المملوكي بقيادة سيف الدين قطز من إلحاق أول هزيمة قاسية بالجيش المغولي بقيادة كتابغا.
وعن المعركة يقول جورجي زيدان في كتابه تاريخ مصر الحديثة: جاء قائد من التتار إلى القاهرة حاملاً منشوراً من هولاكو ملك المغول حفيد جنكيز خان. وقام الخليفة المستعصم بالله كما تقدم، ونزل هولاكو على الشام وفتح دمشق والسواحل البحرية حتى ذهب إلى مصر، حيث أرسل إليها كتيباً كان مضمونه: من ملك ملوك المشرق والمغرب القان الأكبر، وصف فيه نفسه بكلمات تمجيدية، وذكر في الكتاب شدة قوته، وكثرة جيوشه، وما حدث لأهل البلاد منه، وخاصة ما فعله ببغداد، وما حدث لأهلها منه حتى قال: “يا أهل مصر، أنتم قوم ضعفاء، فاحفظوا مني دماءكم، ولا تقاتلوني أبداً ثم تندموا”.
وكأن جيوشه قد حاربت الجيوش الصليبية، وهزمتهم، وما زال فخر النصر وأنف النصر في نفوسهم، فاستهانوا بكلام هولاكو، وأصروا على القتال. فحشدهم قطز، وجهزهم بالمعدات والأسلحة اللازمة، وأحضر إليه القبائل العربية، ووزع بينهم وبين بقية جيشه نحو ستمائة ألف دينار يجمعها من الضرائب.
ثم سار من القاهرة للقاء التتار في آخر شعبان سنة 658هـ، ولم يكد الجيشان يلتقيان حتى اتصل بهولاكو بخبر وفاة أبيه مانجو خان ملك التتار، فقام فاضطر للعودة فوراً للمطالبة بحقوق الميراث. فعاد وترك في الشام نحو عشرة آلاف من نخبة فرسانه بقيادة قريبه ونائبه كاتبغا. لقتال قطز، فالتقى في فلسطين عند عين جالوت، فاشتبك الجيشان، ووقعت بينهما حادثة عظيمة، شهدت مقتل كتابغا وجميع رجاله، والقبض على ابنه، والمصريين واستولى على غنيمة كبيرة تكفي لإثراء الشرق كله؛ لأنها تحتوي على أثمن ما نهبه هولاكو من أغنى المدن أثناء فتوحاته.