
أصدرت دار تكوين في الكويت ترجمة عربية لكتاب بعنوان “استكشاف فن الرواية” للكاتب الصيني يان ليانكي، وترجمته إلى العربية المترجمة منال الندابي.
عندما كان تولستوي يكتب الجزء الذي ترمي فيه بطلة الرواية بنفسها أمام القطار في “آنا كارنينا”، يتذكر تولستوي أنه انحنى على مكتبه وبدأ في البكاء، حيث جعلها موت “آنا كارنينا” من المستحيل السيطرة على عواطفه.
ويقول تولستوي إنه لم يكن يريد أن تموت آنا كارنينا، لكن مصيرها وشخصيتها دفعاها إلى إلقاء نفسها حتما أمام القطار.
وهذا هو حال كل الكتاب الواقعيين الكبار في القرن التاسع عشر، الذين وجدوا أنفسهم في تجربة لم يتمكنوا فيها من التحكم في مصائر شخصياتهم، بل كانت تقودهم أيضًا مصائر هذه الشخصيات الحتمية.
كتاب استكشاف فن الرواية
يعتبر جميع الكتاب الواقعيين العظماء أنفسهم مجرد متحدثين باسم شخصياتهم، ويشعرون أن شخصياتهم الخيالية تحل محلهم في الأهمية والمعنى. يمكننا القول أنه عندما قررت نورا مغادرة المنزل، لم يستطع هنريك إبسن أن يمنعها من ذلك بأي شكل من الأشكال.
فالكاتب مجرد راوي من وراء الكواليس، ولا يملك السلطة ولا القدرة على التحكم في مصائر شخصياته. كلما قلت سيطرة الكاتب على شخصيته، ظهرت تلك الشخصية أكثر نضارة وحيوية، والعكس صحيح، إذا كان للكاتب يد في اتجاه القصة ومصير الشخصية، ظهرت تلك الشخصية جامدة وضعيفة. وينطبق الشيء نفسه على الأدب الواقعي، فكلما كانت سلطة الكاتب ومكانته أقل فيما يتعلق بمصير شخصيته، كلما كان ذلك أفضل. بمعنى آخر، أفضل شيء يمكن أن يفعله الكاتب هو الاختفاء.
يعرض الكاتب الصيني يان ليانكي في هذا الكتاب أبعادًا مختلفة للأدب، محاولًا استكشاف أعماق الكتابة والواقعية وفرضياته حولها، كاشفًا عن أهم الأعمال التي ألهمته وشكلت تجربته ووعيه الأدبي، جامعًا أهم أسماء مهمة في تاريخ الأدب والرواية، ويعطينا نظرة معمقة على تاريخ الرواية الحديثة والمعاصرة وظروفها. .